في تصريح رسمي طال انتظاره، أعلن وزير السياحة والآثار المصري عن الموعد المرتقب للافتتاح الرسمي المتحف المصري الكبير، وذلك في الثالث من يوليو المقبل. ويأتي هذا الإعلان ليضع حدًا لسنوات من الترقب لهذا المشروع العملاق الذي يُعد واحدًا من أضخم الصروح المتحفية على مستوى العالم، والمخصص بالكامل لاستعراض الحضارة المصرية القديمة. يمثل هذا الحدث خطوة محورية في تعزيز مكانة مصر الثقافية والسياحية عالميًا، كما يُنتظر أن يحظى باهتمام دولي واسع نظرًا لما يمثله المتحف من قيمة تاريخية ومعمارية غير مسبوقة.
يقع المتحف المصري الكبير عند هضبة الجيزة، على بُعد أقل من كيلومترين من أهرامات الجيزة، مما يمنحه إطلالة فريدة تربط بين عبق الماضي وروعة الحاضر. يمتد المتحف على مساحة تُقدّر بأكثر من 500 ألف متر مربع، ليُعد بذلك أحد أكبر المتاحف الأثرية في العالم، ومخصص بالكامل لعرض كنوز الحضارة المصرية القديمة.
صُمم المتحف بأسلوب معماري عصري يمزج بين الحداثة وروح الحضارة الفرعونية، حيث يتصدره تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني عند المدخل، إلى جانب واجهات هندسية مستوحاة من الزوايا الحادة للأهرامات. ويضم المتحف عشرات القاعات المجهزة بأحدث تقنيات العرض والإضاءة والتكييف، فضلاً عن مركز لترميم الآثار يُعد من الأكبر عالميًا.
بدأ العمل على المشروع عام 2002، وتواصلت مراحل الإنشاء والتطوير على مدار أكثر من 20 عامًا، بمشاركة خبرات مصرية ودولية، وبدعم من مؤسسات عالمية مثل اليونسكو والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا). وقد بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع ما يزيد عن مليار دولار أمريكي، مما يعكس حجم الاستثمار الثقافي الذي أولته الدولة لهذا الصرح الفريد.
لا يقتصر دور المتحف على كونه مركزًا للعرض الأثري، بل يُعد منصة تعليمية وثقافية وسياحية تهدف إلى إعادة تقديم الحضارة المصرية للعالم بأسلوب عصري، وجذب ملايين الزوار سنويًا، ما يجعله نقطة تحول في خريطة السياحة الثقافية العالمية.
تفاصيل افتتاح المتحف المصري الكبير في 3 يوليو
في بيان رسمي أدلى به مؤخرًا، أعلن الدكتور أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، أن الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير سيُقام يوم الأربعاء الموافق 3 يوليو 2025، في احتفالية عالمية كبرى تُنظم تحت رعاية رئاسة الجمهورية، وبمشاركة عدد كبير من الضيوف رفيعي المستوى من داخل مصر وخارجها.
وأوضح الوزير أن الافتتاح الرسمي سيقتصر على الحضور الرسمي والدعوات الخاصة، حيث يشمل رؤساء وملوك دول، ووزراء ثقافة وسياحة عالميين، وممثلي منظمات دولية كـاليونسكو والتحالف الدولي للمتاحف، بالإضافة إلى عدد من كبار علماء الآثار والمؤرخين وشخصيات فنية وثقافية بارزة.
وأشار الوزير إلى أن فتح المتحف أمام الجمهور والزائرين سيبدأ يوم السبت 6 يوليو 2025، بعد انتهاء فعاليات الافتتاح الرسمي، حيث ستكون الزيارة متاحة بشكل تدريجي من خلال أنظمة حجز مسبقة، لضمان تجربة ثقافية وتنظيمية متميزة للزوار.
وأضاف أن الحدث سيشهد تغطية إعلامية موسعة من مختلف أنحاء العالم، كما يتضمن عروضًا فنية مستوحاة من التاريخ المصري القديم، تم إعدادها خصيصًا لهذه المناسبة الفريدة، لتُعبر عن حضارة عمرها أكثر من 7 آلاف عام.
دور المتحف في إنعاش قطاع السياحة
يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير نقطة تحول كبرى في مستقبل السياحة الثقافية في مصر، حيث يُتوقع أن يُسهم بشكل مباشر في إنعاش قطاع السياحة وزيادة التدفقات السياحية من مختلف أنحاء العالم، لا سيما من المهتمين بالتاريخ والآثار. فالمتحف، بما يضمه من كنوز أثرية فريدة، سيجذب فئة جديدة من الزائرين الباحثين عن تجربة ثقافية متكاملة، مما يعزز من معدلات الإقامة والإنفاق السياحي.
ويُنظر إلى المتحف أيضًا كأداة استراتيجية لتسويق مصر عالميًا، حيث يعزز صورة البلاد كمركز حضاري وإنساني عالمي يمتلك تراثًا غنيًا يندر وجود مثيل له. ومن المتوقع أن يؤدي المتحف إلى وضع القاهرة الكبرى، خاصة منطقة الأهرامات، على خريطة المقاصد الثقافية الأولى في العالم.
وبحسب التقديرات الرسمية، يُتوقع أن يستقبل المتحف نحو 5 ملايين زائر سنويًا في السنوات الأولى بعد الافتتاح، مع قابلية الزيادة بفضل البرامج الترويجية، وربطه بمسارات سياحية شاملة تضم الأهرامات وسقارة والمتحف القومي للحضارة المصرية.
كما يُنتظر أن يُسهم المتحف في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتنشيط قطاعات خدمية مثل الفنادق، النقل، الحرف اليدوية، والإرشاد السياحي، مما سيكون له أثر اقتصادي ملموس على المدى القريب والبعيد.
