مع إعلان رحيل لوكا مودريتش عن ريال مدريد بعد اثني عشر موسمًا حافلًا بالإنجازات، يُسدل الستار على واحدة من أكثر الحقبات تألقًا في تاريخ النادي الملكي. فقد نجح النجم الكرواتي في أن يصبح رمزًا للوسط الميداني، وصانعًا للعب الراقي، وقائدًا ملهمًا، حاز بفضله على بعضٍ من أعظم الألقاب على صعيد الأندية والمنتخبات.
Table of Contents
Toggleالبدايات ووصوله إلى القمة
بدأت رحلة لوكا مودريتش الاحترافية في النخبة الأوروبية داخل أروقة دينامو زغرب، قبل أن ينتقل إلى توتنهام هوتسبر عام 2008 حيث لمع نجمه تدريجيًا. ومع حلول صيف 2012، لفت اللاعب الأنظار إليه بقوة، ما دفع ريال مدريد لضمه في صفقة بلغت قيمتها حوالي 35 مليون يورو. ومع وصوله إلى سانتياغو برنابيو، بدأت صفحة جديدة عنوانها الطموح والجماهيرية الواسعة.
عامٌ حافل بالألقاب: موسم 2013–2014
في موسم تسميه الجماهير “موسم اللعنة المكسورة”، أسهم مودريتش بفاعلية في قيادة الريال إلى كسر صيام 12 عامًا عن لقب دوري أبطال أوروبا. فقدّم أداءً رائعًا في نهائي روزنغارد، مرّر بدقة عالية، ولعب دور الجسر بين الدفاع والهجوم. وبهذا، حقّق أول ألقابه مع ريال مدريد، مُمهّدًا لمسيرةٍ من الانتصارات المتتالية.
الهيمنة الأوروبية والمحلية
دوري أبطال أوروبا (5 مرات)
ألقاب أعوام: 2014، 2016، 2017، 2018، 2022
التأثير: كان مودريتش في كل نسخة بمثابة القلب النابض للميدان، ودائمًا ما يُحسم صراعات الوسط لصالح فريقه.
الدوري الإسباني (2 مرة)
ألقاب أعوام: 2017، 2020
الإنجاز: استعاد ريال مدريد عرشه محليًا بفضل تماسك الفريق، وساهم مودريتش في التحكم بالإيقاع وتمريراته التي صنّعت فرصًا لا تُحصى.
كأس ملك إسبانيا (1 مرة)
لقب عام 2014
الأهمية: جاء هذا اللقب لتعزيز ثقة اللاعبين والجهاز الفني بعد فترة تراجع، وكان لمودريتش دور حاسم في الأدوار الإقصائية.
السوبر الإسباني (4 مرات)
ألقاب أعوام: 2012، 2017، 2019، 2022
السجل: حقق البطولة بحضورٍ قوي لمودريتش، الذي أجاد التعامل مع المباريات الحاسمة بلا أخطاء.
كأس السوبر الأوروبي (4 مرات)
ألقاب أعوام: 2014، 2016، 2017، 2022
البُعد: تألق في مواجهة أبطال القارات، مستعرضًا براعته في استلام الكرة وتوزيعها تحت الضغط.
كأس العالم للأندية (4 مرات)
ألقاب أعوام: 2014، 2016، 2017، 2018
اللمسة القارية: تميّز في البطولات العالمية للأندية بمراقبته الدقيقة للوسط وقراراته التكتيكية في اللحظات الحاسمة.
أبرز لحظات المسيرة
دوري الأبطال 2018 ضد ليفربول: نقل وسط الملعب إلى مستوى آخر بتمريراته المدوية، ما مكّن بنزيما من تسجيل هدف الفوز.
مباراة الديربي ضد أتليتيكو 2018: تحكم في الإيقاع وقطع أكثر من 100 تمريرة ناجحة، مع الحفاظ على تركيزٍ دفاعي مميز.
نصف نهائي مونديال الأندية 2017: صنع هدف التعادل قبل التأهل بخماسية نظيفة، مبرهنًا على قدرته الفائقة على التأقلم مع أساليب لعب مختلفة.
تأثيره داخل وخارج الملعب
بلا شك، كان لمودريتش دورٌ أكبر من كونه لاعب وسط؛ فقد ارتقى إلى مرتبة القائد الهادئ الذي يفضِّل العمل أكثر من الكلام. وفي غرفة الملابس، كان عنصرًا موحّدًا، يتعامل برصانة مع الأزمات، ويحفّز زملاءه بصمته الثمين. أما خارج الملعب، فمثل مثال الرياضي الجدّي الذي يتصدّى للانتقادات بثبات ويعزز دوره كسفيرٍ للنادي في المناسبات الرسمية.
مبررات الرحيل وأثره على الفريق
مع بلوغه سن 38 عامًا، كان قرار رحيل لوكا مودريتش متوقعًا من قبل المتابعين، لكنه لا يقل وقعًا. فقد كانت الإدارة الملكية تعتزم تجديد الدماء وإتاحة الفرصة لأصغر سنًا، مع الحفاظ على تجربة اللاعبين المخضرمين. ومن المتوقع أن يخلفه لاعب وسط شاب، بينما يبقى مودريتش هدفًا محتملًا لأندية أخرى أو العودة لدينامو زغرب مسقط رأسه.
بابتعاده عن ريال مدريد، يترك مودريتش خلفه إرثًا من البطولات والتاريخ الذي لن تمحوه ذاكرة البرنابيو. لقد صنعت البطولة الخامسة لدوري الأبطال سلاميات لا تُنسى، وعلّمت الأجيال المقبلة أن الذكاء التكتيكي والثبات النفسي مفتاح النجاح. وبختام هذا المشوار، يظل رحيل لوكا مودريتش فصلًا أخيرًا في قصة أسطورةٍ نُسجت بخبرةٍ ومهارة، وصُممت لتبقى مصدر إلهام للوسط الميداني لسنواتٍ طويلة قادمة.